الليزر و حصائص الليزر – الفصل الثامن – فيزياء

الليزرات وخصائصها

ما هو الليزر؟

الليزر (LASER) هو اختصار لعبارة:
Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation
أي: “تضخيم الضوء بواسطة الانبعاث المحفَّز للإشعاع”.

الليزر هو جهاز ينتج شعاعًا ضوئيًا متماسكًا عالي التركيز، يمتاز بخواص فريدة جعلته أداة لا غنى عنها في العلوم، الطب، الصناعة، والاتصالات.


أولًا: أسس عمل الليزر

يعتمد عمل الليزر على ثلاث ظواهر فيزيائية أساسية:

1. الامتصاص (Absorption):

عندما تسلط طاقة (مثل فوتون) على ذرة، فإنها تمتص هذه الطاقة وينتقل أحد إلكتروناتها من مستوى طاقة منخفض (أساسي) إلى مستوى طاقة أعلى (مستوى مثار).

2. الانبعاث التلقائي (Spontaneous Emission):

بعد مدة قصيرة جدًا، يعود الإلكترون إلى مستواه الأدنى، مطلقًا فوتونًا (ضوءًا) بنفس طاقة الفرق بين المستويين. هذا الضوء يكون عشوائي الاتجاه والطور.

3. الانبعاث المحفّز (Stimulated Emission):

إذا تعرضت الذرة المثارة إلى فوتون له نفس طاقة الفرق بين المستويين، فإنها تُحفَّز لإطلاق فوتون ثانٍ متطابق مع الأول تمامًا في:

  • الاتجاه
  • التردد
  • الطور
  • الاستقطاب

وهذا هو المبدأ الأساسي لعمل الليزر، حيث يتم تضخيم الضوء بطريقة متماسكة ومنظمة.


ثانيًا: التوزيع البولي (توزيع بولتزمان)

وفقًا لميكانيك الكم، الذرات في المادة تتوزع بين مستويات الطاقة المختلفة حسب درجة الحرارة، ويتبع هذا التوزيع قاعدة بولتزمان:

 

N2N1=e(E2E1)kT\frac{N_2}{N_1} = e^{\frac{- (E_2 – E_1)}{kT}}

 

حيث:

  • N1N_1 و N2N_2: عدد الذرات في المستوى الأول والثاني
  • E1E_1 و E2E_2: طاقتا المستويين
  • kk: ثابت بولتزمان
  • TT: درجة الحرارة بالكلفن

من العلاقة نلاحظ أن عدد الذرات في الحالة المثارة

N2N_2

أقل دائمًا من عددها في الحالة الدنيا

N1N_1

، أي أن احتمال وجود الذرة في مستوى طاقة أعلى يقل بازدياد الفرق الطاقي.


ثالثًا: التوزيع المعكوس (Population Inversion)

لكي يعمل الليزر لا بد من تحقيق حالة تسمى التوزيع المعكوس، وهي الحالة التي يكون فيها عدد الذرات في المستوى المثار أكبر من عددها في المستوى الأرضي:

N2>N1N_2 > N_1

وهذه الحالة لا تحدث طبيعيًا (لأنها مخالفة لتوزيع بولتزمان)، ولذلك يجب ضخ الطاقة (ضخ ضوئي أو كهربائي) لرفع الذرات إلى مستويات طاقة أعلى، ثم ترتيب مستويات الطاقة بحيث تُحتجز الذرات في الحالة المثارة لفترة كافية (ما يسمى حالة شبه مستقرة)، ما يُمكِّن من حدوث انبعاث محفَّز عند وصول الفوتونات المناسبة.


رابعًا: مكونات الليزر الأساسية

  1. وسط الليزر النشط (Active Medium): هو المادة التي تحتوي الذرات القادرة على إصدار الليزر. يمكن أن تكون:
    • غازية (مثل هيليوم-نيون)
    • صلبة (مثل الياقوت)
    • سائلة (مثل أصباغ عضوية)
    • شبه موصلة (مثل ليزرات الديود)
  2. منظومة الضخ (Pumping System): تزود الذرات بالطاقة اللازمة لإحداث التوزيع المعكوس، ويمكن أن تكون:
    • تفريغ كهربائي
    • وميض ضوئي
    • تيار كهربائي
  3. تجويف الرنين (Optical Cavity): يتألف من مرآتين متقابلتين (إحداهما نصف عاكسة)، تعكس الضوء ذهابًا وإيابًا عبر الوسط النشط، مما يزيد من عدد مرات الانبعاث المحفز، وبالتالي تقوية الشعاع.

خامسًا: خصائص شعاع الليزر

يمتاز شعاع الليزر عن الضوء العادي بخمس خصائص رئيسية:

  1. أحادي اللون (Monochromatic): يصدر الليزر ضوءًا بطول موجي واحد (تردد محدد)، بخلاف الضوء الأبيض الذي يحتوي عدة أطوال موجية.
  2. متماسك (Coherent): جميع الفوتونات في شعاع الليزر لها نفس الطور، مما يسمح بتراكبها البنّاء وزيادة الطاقة والوضوح.
  3. اتجاهي (Directional): ينتشر شعاع الليزر في خط مستقيم ضيق جدًا، بعكس الضوء العادي الذي ينتشر في كل الاتجاهات.
  4. شديد التركيز (High Intensity): يمكن تركيز طاقة الليزر في نقطة صغيرة جدًا، مما يعطيه قدرة عالية على القطع أو الإذابة.
  5. قابل للتحكم (Controllable): يمكن تعديل شدة الليزر وتردده واتجاهه بدقة عالية.

سادسًا: أنواع الليزرات

  1. ليزر الغاز:
    • مثال: هيليوم-نيون (He-Ne)، ثاني أكسيد الكربون (CO₂)
    • يستخدم في الأجهزة الطبية والتجارب الفيزيائية.
  2. ليزر الحالة الصلبة:
    • مثل ليزر الياقوت، والنيوديميوم-ياقوت Nd:YAG
    • يستخدم في الصناعات وطب العيون.
  3. ليزر أشباه الموصلات (الديود):
    • صغير الحجم، يُستخدم في أجهزة الليزر المنزلية، والأقراص الليزرية، والاتصالات.
  4. الليزر السائل:
    • يستخدم أصباغ عضوية، ويغطي مدى واسع من الأطوال الموجية.
  5. ليزر الألياف الضوئية:
    • يعتمد على ألياف زجاجية doped بمادة فعالة، ويمتاز بالكفاءة العالية في الاتصالات.

سابعًا: تطبيقات الليزر

  1. في الطب:
    • جراحة العيون (الليزك)
    • إزالة الشعر
    • حفر الأسنان
    • علاج الأورام
  2. في الصناعة:
    • قطع المعادن
    • اللحام
    • الحفر الدقيق
  3. في الاتصالات:
    • نقل البيانات عبر الألياف الضوئية
    • الأقمار الصناعية
  4. في الفيزياء والبحث العلمي:
    • قياس المسافات الدقيقة
    • توليد درجات حرارة عالية في فيزياء البلازما
  5. في الأجهزة المنزلية:
    • الطابعات الليزرية
    • الأقراص المدمجة CD/DVD
  6. في الأمن والعسكرية:
    • أنظمة التوجيه
    • أجهزة كشف التسلل
    • الأسلحة الليزرية

ثامنًا: الليزر مقابل الضوء العادي

المقارنةالليزرالضوء العادي
اللونأحادي اللونمتعدد الألوان
الاتساقمتماسكغير متماسك
الاتجاهيةشعاع ضيق جدًامنتشر في كل الاتجاهات
التركيزعالي التركيزمنخفض التركيز
التطبيقاتدقيقة وموجهةإضاءة عامة

تاسعًا: التحديات في تصميم الليزرات

  1. تحقيق التوزيع المعكوس: وهو شرط أساسي لعمل الليزر.
  2. تحقيق الاستقرار في الطول الموجي: خصوصًا في التطبيقات الدقيقة.
  3. التحكم في التبريد والتشتيت الحراري: لأن بعض الليزرات تولد حرارة عالية.
  4. التكلفة وتعقيد التصميم: خصوصًا في أنظمة الليزر عالية القدرة.

خلاصة

الليزر هو من أعظم ابتكارات القرن العشرين، يجمع بين مبادئ فيزيائية دقيقة مثل الانبعاث المحفز والتوزيع المعكوس، ليعطينا ضوءًا فريدًا بخواص متميزة. هذه التقنية أثّرت بشكل عميق في الطب، والصناعة، والاتصالات، وأصبحت من الأعمدة الأساسية في حياة الإنسان المعاصر.

هل ترغب أن أضيف رسم توضيحي لمبدأ عمل الليزر؟