التنافس البريطاني الألماني على العراق أثناء الحرب العالمية الأولى

مقدمة

شهد العراق في مطلع القرن العشرين صراعًا محمومًا بين بريطانيا وألمانيا، سعيًا للسيطرة على موارده الغنية وموقعه الجغرافي الاستراتيجي. هذا التنافس لم يكن عسكريًا مباشرًا، بل تجلى في مشاريع اقتصادية وثقافية تهدف إلى بسط النفوذ على الأراضي العراقية.

الاهتمام الألماني بالعراق

البدايات الثقافية والأثرية

بدأت ألمانيا اهتمامها بالعراق من خلال بعثات أثرية ودراسات في اللغات العربية والإسلامية، برعاية مباشرة من القيصر الألماني. هذا الاهتمام الثقافي كان غطاءً لتمهيد الطريق نحو نفوذ اقتصادي وسياسي أوسع.

مشروع سكة حديد برلين – بغداد

في عام 1903، حصلت ألمانيا على امتياز لمد سكة حديد تربط برلين ببغداد، مرورًا بقونية والبصرة. هذا المشروع كان جزءًا من سياسة “الاندفاع نحو الشرق”، التي تهدف إلى توسيع النفوذ الألماني في الدولة العثمانية، مما أثار قلق بريطانيا التي رأت في هذا التوسع تهديدًا لمصالحها في المنطقة.

الاهتمام البريطاني بالعراق

مشاريع الري والتنمية الزراعية

ردًا على التوسع الألماني، بدأت بريطانيا بالاهتمام بمشاريع الري في العراق. في عام 1909، قدم خبير الري البريطاني ويليام ويلكوكس مشروعًا لإحياء مشاريع الري القديمة في السهل الرسوبي، بهدف زيادة الإنتاج الزراعي. توقع ويلكوكس أن يؤدي هذا المشروع إلى إنتاج مليون طن من القمح ومائة ألف طن من القطن، بالإضافة إلى تربية ملايين الأغنام والماشية، مما يعزز الاقتصاد العراقي ويزيد من النفوذ البريطاني في المنطقة.

السيطرة على التجارة

أكد اللورد كيرزون، حاكم الهند البريطاني، أن 90% من التجارة الصاعدة إلى بغداد كانت بريطانية أو هندية. هذا يوضح مدى السيطرة البريطانية على الاقتصاد العراقي في تلك الفترة، ويبرز أهمية العراق كممر تجاري حيوي لبريطانيا نحو مستعمراتها في الشرق.

الميزان التجاري لصالح بريطانيا

كان الميزان التجاري بين العراق وبريطانيا يميل لصالح الأخيرة. فقد كانت بريطانيا تصدر إلى العراق الأقمشة، الخيوط، الخشب، قضبان الحديد، الفولاذ، أكياس الجوت، والقرطاسية. في المقابل، كان العراق يصدر منتجات زراعية وحيوانية مثل الصوف، القمح، التمر، السمسم، والجلود.

الإحصائيات التجارية

في عام 1903، كانت بريطانيا تحتل ما يقارب 43% من الواردات العراقية، وبلغت هذه النسبة 74.7% في عام 1912، مما يدل على التوسع المستمر في النفوذ الاقتصادي البريطاني في العراق.

سياسة الاندفاع نحو الشرق

هي سياسة توسعية ألمانية في الدولة العثمانية، تهدف إلى توسيع النفوذ الألماني في الشرق الأوسط، وخاصة في العراق. أثارت هذه السياسة قلق بريطانيا، التي رأت فيها تهديدًا لمصالحها في المنطقة، مما أدى إلى تصاعد التوتر بين القوتين العظميين.

الأسئلة الوزارية المهمة

  1. بماذا تمثلت بوادر الاهتمام الألماني في العراق؟
    • بدأ الاهتمام بالآثار العراقية والدراسات العربية الإسلامية برعاية القيصر الألماني.
  2. علل: اهتمام الألمان بمد سكة حديد برلين – بغداد.
    • لأنها تمثل أهداف الألمان التوسعية في الدولة العثمانية.
  3. ما هي سياسة الاندفاع نحو الشرق؟
    • هي سياسة الألمان التوسعية في الدولة العثمانية، والتي أثارت ريبة بريطانيا واعتبرتها خطرًا على مصالحها في العراق والشرق الأوسط.
  4. من هو اللورد كيرزون؟ وماذا قال عن التجارة في العراق؟
    • هو حاكم الهند البريطاني الذي قال إن ما يقارب 90% من التجارة الصاعدة إلى بغداد هي بريطانية أو هندية.
  5. علل: كان ميزان التبادل التجاري لصالح بريطانيا في العراق.
    • لأن بريطانيا كانت تصدر إلى العراق منتجات صناعية متنوعة، بينما كانت واردات العراق تقتصر على المنتجات الزراعية والحيوانية.

خاتمة

كان التنافس البريطاني الألماني على العراق جزءًا من الصراع الأكبر بين القوى العظمى للسيطرة على الشرق الأوسط. استخدمت كل من بريطانيا وألمانيا وسائل مختلفة لبسط نفوذها في العراق، من خلال المشاريع الاقتصادية والثقافية، مما كان له تأثير كبير على مستقبل العراق والمنطقة بأسرها