التكاثر في الفطريات – الاحياء – المحاضرة 7

التكاثر في الفطريات

مقدمة

الفطريات كائنات حية حقيقية النواة، غير ذاتية التغذية، تتغذى بالامتصاص من المواد العضوية. تعيش في بيئات متنوعة، منها التربة، والمواد المتحللة، وأحيانًا ككائنات طفيلية على النباتات أو الحيوانات أو حتى الإنسان.

تتميز الفطريات بقدرتها الكبيرة على التكاثر، وهي تستخدم طريقتين رئيسيتين:

1. التكاثر اللاجنسي
2. التكاثر الجنسي

يُستخدم نوع التكاثر حسب الظروف البيئية؛ فالتكاثر اللاجنسي شائع في الظروف المستقرة، بينما يُفضل التكاثر الجنسي في الظروف غير الملائمة أو عند الحاجة إلى تجديد الصفات الوراثية.

أولًا: التكاثر اللاجنسي

هو الشكل الأكثر شيوعًا والأسرع من التكاثر في الفطريات، ويعتمد على إنتاج أفراد جديدة مطابقة وراثيًا للفرد الأصلي دون حدوث اتحاد بين خلايا جنسية.

طرق التكاثر اللاجنسي في الفطريات:

1. التبرعم (Budding):
   • يحدث في بعض الفطريات مثل الخميرة (Yeast).
   • ينمو نتوء صغير على الخلية الأم يسمى “برعم”.
   • ينفصل هذا البرعم لاحقًا ويكوّن فردًا جديدًا.
   • أحيانًا يبقى البرعم ملتصقًا، مشكّلًا مستعمرة من الخلايا.
2. الانقسام الخلوي (Cell Division):
   • مشابه لانقسام الخلايا في الكائنات الأخرى.
   • نادر نسبيًا في الفطريات متعددة الخلايا.
3. التجرثم (Sporulation):
   • الطريقة الأوسع انتشارًا.
   • تنتج الفطريات أبواغًا (Spores) تُنقل عبر الهواء أو الماء أو الكائنات الحية.
   • عندما تجد هذه الأبواغ بيئة مناسبة، تنمو لتكوّن أفرادًا جديدة.
   • مثال: فطر الخبز (Rhizopus) ينتج أبواغًا في تراكيب تسمى “حوافظ أبواغ”.
4. تفتت الخيوط الفطرية (Fragmentation):
   • تنقسم الخيوط الفطرية (الهيفات) إلى أجزاء.
   • كل جزء ينمو ليُشكّل فطرًا جديدًا.
   • يحدث غالبًا في الفطريات الخيطية.

ثانيًا: التكاثر الجنسي

يحدث عندما تكون الظروف غير ملائمة، أو عندما تحتاج الفطريات إلى تنويع صفاتها الوراثية. وهو أكثر تعقيدًا من التكاثر اللاجنسي ويتضمن ثلاث مراحل رئيسية:

مراحل التكاثر الجنسي في الفطريات:

1. الاقتران (Plasmogamy):
   • يحدث اتحاد بين خليتين (أو أنسجة جنسية) من فطرين مختلفين.
   • تمتزج السيتوبلازمات، لكن النوى تبقى منفصلة.
   • تُكوَّن خلية تحتوي على نواتين (Dikaryotic cell).
2. الاندماج النووي (Karyogamy):
   • تندمج النواتان لتكوين نواة واحدة ثنائية المجموعة الكروموسومية (2n).
3. الانقسام الاختزالي (Meiosis):
   • تنقسم النواة الناتجة لتكوين أبواغ جنسية تحتوي على نصف العدد الكروموسومي.
   • تنمو هذه الأبواغ لاحقًا لتعطي أفرادًا جديدة تختلف وراثيًا عن الأصل.

أنواع التكاثر الجنسي حسب نوع الفطر:

1. الفطريات الزيجوتية (Zygomycota):

• مثل: فطر الخبز (Rhizopus).
• يتم فيه تكوين زيجة (Zygospore) نتيجة اتحاد خيطين فطريين مختلفين.
• الزيجة تتحمل الظروف الصعبة، وتنمو لاحقًا عند تحسُّن البيئة.

2. الفطريات الزقية (Ascomycota):

• مثل: فطر الخميرة، وفطر الكمأة.
• يتم فيها تكوين أبواغ زقية داخل أكياس صغيرة تُسمى “زقاق (Ascus)”.

3. الفطريات البازيدية (Basidiomycota):

• مثل: فطر عيش الغراب (المشروم).
• تتكوّن الأبواغ على تراكيب خاصة تُسمى “بازيديا (Basidia)”.

الفرق بين التكاثر اللاجنسي والجنسي في الفطريات:

أهمية الأبواغ في حياة الفطريات:

• تساعد على الانتشار لمسافات طويلة.
• مقاومة للحرارة والجفاف والظروف القاسية.
• تُنتج بأعداد كبيرة جدًا.
• تعتبر وسيلة فعالة للتكاثر والبقاء في البيئات المختلفة.

أمثلة على التكاثر في بعض الفطريات:

1. الخميرة:
   • تتكاثر بالتبرعم (لاجنسيًا).
   • ويمكنها أيضًا أن تتكاثر جنسيًا بتكوين زقاق.
2. فطر الخبز (Rhizopus):
   • يتكاثر لاجنسيًا بالأبواغ.
   • يتكاثر جنسيًا بتكوين زيجة.
3. عيش الغراب (Mushroom):
   • يتكاثر جنسيًا بواسطة أبواغ بازيدية.
   • تُحمل هذه الأبواغ على “الخياشيم” تحت القبعة.

أهمية التكاثر في الفطريات:

• يضمن استمرار النوع وانتشاره في البيئات المختلفة.
• يوفر تنوعًا وراثيًا، ما يزيد من قدرة الفطر على التكيف.
• يساعد في إنتاج أدوية ومضادات حيوية مثل البنسلين.
• يُستخدم في الصناعات الغذائية (كالخبز والجبن).
• بعض أنواع الفطريات مفيدة، وأخرى ضارة (مسببة للأمراض أو الفساد الغذائي).

خاتمة

تُعدّ الفطريات كائنات حيوية ذات قدرة عالية على التكاثر، سواء بالطرق اللاجنسية السريعة أو بالطرق الجنسية المعقدة التي تتيح لها تنوعًا وراثيًا ضروريًا للبقاء في بيئات متغيرة. إن فهم طرق تكاثرها يُساعد في التعامل معها سواء في الزراعة، أو في الصناعة، أو في المجالات الطبية.

التكاثر في عفن الخبز الأسود (Rhizopus stolonifer)

مقدمة:

عفن الخبز الأسود هو نوع من الفطريات التي تنتمي إلى شعبة الفطريات الزيجوتية (Zygomycota). يُشاهد غالبًا على الخبز أو الفواكه المتعفنة على شكل بقع رمادية أو سوداء، ويتميّز بخيوطه الفطرية الزاحفة (الهيفات) التي تنمو على سطح الغذاء.

يُجري عفن الخبز الأسود نوعين من التكاثر:

أولًا: التكاثر اللاجنسي

هو الشكل الأكثر شيوعًا لتكاثر عفن الخبز الأسود، خاصة عندما تكون الظروف البيئية مناسبة من حيث الغذاء والرطوبة.

كيف يتم؟

1. تنمو الهيفات (الخيوط الفطرية) على سطح الغذاء.
2. تتجمّع بعض الهيفات رأسياً لتكوّن أعوادًا قائمة تُسمى حوامل أبواغ (sporangiophores).
3. في أعلى هذه الحوامل، تتكون أكياس أبواغ كروية الشكل تُسمى حوامل أبواغ (sporangia).
4. داخل كل كيس تنمو آلاف الأبواغ اللاجنسية (spores).
5. عندما ينضج الكيس، ينفجر وينتشر الأبواغ في الهواء.
6. إذا سقطت الأبواغ على وسط مناسب (مثل شريحة خبز رطبة)، فإنها تنمو لتكوّن فطريات جديدة.

خصائص هذا النوع من التكاثر:

• سريع جدًا.
• لا يتطلب شريكًا.
• يُنتج أفرادًا متطابقة وراثيًا مع الفطر الأصلي.

ثانيًا: التكاثر الجنسي

يحدث عندما تكون الظروف البيئية غير ملائمة، مثل نقص الغذاء أو الجفاف، أو عند رغبة الفطر في تنويع صفاته الوراثية.

كيف يتم؟

1. تنمو هيفات من فطرين مختلفين في النوع الجنسي (+) و(–)، وتقترب من بعضها.
2. تُكوِّن كل منها نتوءًا يُسمى جاميطانجيوم (Gametangium)، يحتوي على نوى.
3. تتصل الجاميطانجيا، وتندمج السيتوبلازمات (plasmogamy)، ثم تندمج النوى (karyogamy).
4. يتكوّن تركيب سميك الجدار يُسمى زيجوسبور (Zygospore).
5. الزيجوسبور يدخل في مرحلة سكون، مقاومًا للظروف الصعبة مثل الجفاف أو البرودة.
6. عندما تتحسن الظروف، ينبت الزيجوسبور ويُكوّن حاملاً بوغيًا جديدًا، يُنتج أبواغًا تبدأ دورة حياة جديدة.

خصائص هذا النوع من التكاثر:

• يُنتج أفرادًا جديدة مختلفة وراثيًا.
• يسمح بظهور صفات جديدة تُساعد على التكيف.
• أبطأ من التكاثر اللاجنسي، لكنه مهم لبقاء النوع.

مقارنة بين النوعين في عفن الخبز:

خاتمة:

يُعد عفن الخبز الأسود من الفطريات القوية والذكية في التكاثر؛ فهو يستخدم التكاثر اللاجنسي للانتشار السريع، والتكاثر الجنسي للبقاء والتكيف. هذا التوازن بين النوعين يُساعده على السيطرة على بيئته والبقاء في ظروف متنوعة، ويجعله نموذجًا ممتازًا لفهم تكاثر الفطريات.