النسيج الضام – الصفائح الدموية – الاحياء – الدرس 10
🩸 الصفائح الدموية (Platelets) والنسيج الضام
مقدمة:
الدم هو نسيج ضام متخصص يتكون من خلايا تسبح في مادة سائلة تُعرف بالبلازما. ومن بين هذه الخلايا تأتي الصفائح الدموية، وهي مكون أساسي في الدم يلعب دورًا حيويًا في وقف النزيف وتجلط الدم. ورغم أنها ليست خلايا حقيقية، إلا أنها تؤدي وظيفة لا غنى عنها لحماية الجسم من فقدان الدم وللمساهمة في التئام الجروح.

أولًا: ما هي الصفائح الدموية؟
تعريف:
الصفائح الدموية (Platelets) أو الصُفيحات هي أجزاء خلوية صغيرة تنشأ من خلايا كبيرة في نخاع العظم تُعرف باسم الخلايا النواء (Megakaryocytes). عند نضج الخلية النواء، تنفصل منها أجزاء صغيرة على شكل أقراص وتدخل إلى مجرى الدم، حيث تُعرف بالصفائح الدموية.
الخصائص الشكلية:
- الحجم: صغيرة جدًا، يتراوح قطرها بين 2-4 ميكرومتر.
- الشكل: قرص مسطح غير منتظم.
- العدد: يتراوح عددها بين 150,000 إلى 450,000 صفيحة في كل ميكرولتر من الدم.
- العمر: تعيش حوالي 7 – 10 أيام قبل أن يتم تدميرها في الطحال أو الكبد.
- النواة: لا تحتوي على نواة، لأنها ليست خلايا حقيقية.
ثانيًا: تكوين الصفائح الدموية (Thrombopoiesis)
يتم إنتاج الصفائح الدموية في نخاع العظم الأحمر، باتباع الخطوات التالية:
- تبدأ العملية بخلايا جذعية مكونة للدم.
- تتمايز هذه الخلايا إلى خلايا نواء (Megakaryocytes) كبيرة الحجم.
- تمتد هذه الخلايا بأذرع طويلة داخل الأوعية الدموية الصغيرة في نخاع العظم.
- تنفصل أجزاء صغيرة من هذه الأذرع، لتكوّن الصفائح الدموية.
تنظم هذه العملية هرمونات خاصة، أهمها الثرومبوبويتين (Thrombopoietin) الذي يُفرز من الكبد والكلى وينظم إنتاج الصفائح.
ثالثًا: وظائف الصفائح الدموية
1. إيقاف النزيف (Hemostasis):
وهي الوظيفة الأساسية للصفائح الدموية، وتتم عبر ثلاث مراحل:
أ. تكوين السدادة الدموية الأولية (Primary Hemostatic Plug):
عندما يُصاب وعاء دموي، تنجذب الصفائح إلى مكان الإصابة وتلتصق بجدران الوعاء التالف (بفضل بروتين يُسمى “فون ويلبراند”). بعد ذلك، ترتبط الصفائح ببعضها البعض وتُشكّل سدادة أولية مؤقتة.
ب. تنشيط الصفائح الدموية (Platelet Activation):
عند الالتصاق، تُفعل الصفائح وتُطلق مواد كيميائية (مثل السيروتونين، ADP، وثروبوكسان A2) تُحفّز صفائح أخرى وتُسبب انقباض الأوعية الدموية لتقليل تدفق الدم.
ج. المساهمة في التجلط (Coagulation):
الصفائح تُشارك أيضًا في تفعيل سلسلة التجلط التي تؤدي إلى تحويل الفيبرينوجين إلى ألياف فيبرين، التي تُثبت السدادة وتُكمل عملية التجلط.
2. التئام الجروح (Wound Healing):
بعد توقف النزيف، تفرز الصفائح عوامل نمو مثل:
- PDGF: عامل نمو مشتق من الصفائح، يحفّز انقسام الخلايا ونمو الأنسجة.
- TGF-β: يُنظم التئام الجروح واستجابة الأنسجة.
هذه العوامل تُساعد في ترميم الأنسجة التالفة وتكوين أوعية دموية جديدة.
3. المناعة:
حديثًا، وُجد أن الصفائح تلعب دورًا في الدفاع المناعي عبر:
- التفاعل مع خلايا الدم البيضاء.
- إفراز جزيئات التهابية.
- المساهمة في التعرف على الميكروبات.
رابعًا: اضطرابات الصفائح الدموية
1. نقص الصفائح الدموية (Thrombocytopenia):
- الأعراض: نزيف متكرر، كدمات سهلة، نزيف اللثة أو الأنف.
- الأسباب: أمراض مناعية، بعض الأدوية، فيروسات، أمراض في نخاع العظم.
2. زيادة الصفائح (Thrombocytosis):
- الأعراض: قد لا تظهر أعراض، لكن في بعض الحالات تُسبب تخثرًا غير طبيعيًا.
- الأسباب: حالات التهابية مزمنة، أمراض نخاع العظم، بعض السرطانات.
3. اضطرابات وظيفية:
رغم وجود عدد طبيعي من الصفائح، قد لا تعمل بشكل صحيح، مما يؤدي إلى اضطرابات نزيف، مثل مرض فون ويلبراند.
خامسًا: الصفائح الدموية كعلاج
تُستخدم الصفائح الدموية طبيًا في حالات عديدة:
- نقل الصفائح الدموية (Platelet transfusion):
يُعطى للمرضى الذين لديهم نقص شديد في الصفائح، مثل مرضى السرطان أو النزيف الشديد. - العلاج بالبلازما الغنية بالصفائح (PRP):
تُستخدم في الطب التجميلي والرياضي لتسريع التئام الأنسجة.
سادسًا: الصفائح الدموية والنسيج الضام
رغم أن الصفائح توجد في الدم، إلا أنها تُعد جزءًا من النسيج الضام لعدة أسباب:
- تنشأ من الأديم المتوسط، مثل باقي مكونات النسيج الضام.
- تسبح في بلازما (المادة البينية للدم).
- تؤدي وظيفة دفاعية وتنظيمية تشبه وظائف الخلايا في أنواع النسيج الضام الأخرى.
- تربط وتساعد في إصلاح الأنسجة، وهو دور أساسي للنسيج الضام.
خاتمة:
الصفائح الدموية، رغم صغر حجمها وبساطة تكوينها، تلعب دورًا أساسيًا في الحفاظ على حياة الإنسان. فهي الحارس الأول الذي يمنع فقدان الدم، والمُرمم السريع للجروح، والمشارك الخفي في نظام الدفاع. ومن خلال دورها في التجلط والتئام الأنسجة، تُبرهن الصفائح على أنها عنصر حيوي لا يقل أهمية عن أي خلية في الجسم، وتُظهر بوضوح كيف أن النسيج الضام ليس مجرد “مادة داعمة” بل نسيج حياة بكل معنى الكلمة.