المحاضرة الحادية عشر / الايون المشترك – بفر محلولين – بفر ثلاث محاليل مهم
الأيون المشترك ومحاليل البوفر
أولًا: مفهوم الأيون المشترك
يعرف الأيون المشترك بأنه أيون مشترك بين مادتين مذابتين في المحلول. هذا الأيون يكون موجودًا في أكثر من مركب واحد داخل المحلول. على سبيل المثال، إذا قمنا بإذابة حمض الإيثانويك (CH₃COOH) وكلوريد الصوديوم (NaCl) في الماء، فلا يوجد أيون مشترك. أما إذا أذبنا حمض الإيثانويك وأسطات الصوديوم (CH₃COONa) فإن الأيون المشترك هو CH₃COO⁻.
ثانيًا: تأثير الأيون المشترك
يؤدي وجود الأيون المشترك إلى تغير في حالة الاتزان في النظام الكيميائي طبقًا لمبدأ لوتشاتلييه. فعند إضافة كمية من أيون مشترك إلى محلول يحتوي على مادة ضعيفة التأين، فإن هذا يؤدي إلى:
- تقليل تأين المادة الضعيفة.
- انزياح الاتزان في الاتجاه المعاكس لتكوين الأيون المشترك.
- خفض تركيز الأيونات الناتجة عن تأين المادة الضعيفة.
- تقليل درجة التأين وزيادة كمية المادة غير المتأينة.
تطبيق عملي: حمض ضعيف وملحه
لو أخذنا مثالًا محلول حمض الإيثانويك (CH₃COOH)، فإن تأينه في الماء يكون:
بإضافة أسيتات الصوديوم (CH₃COONa)، وهي مادة تامة التفكك في الماء، فإنها تنتج الأيون المشترك CH₃COO⁻. زيادة هذا الأيون تؤدي إلى انزياح الاتزان نحو اليسار، وبالتالي:
- يقل تأين الحمض.
- ينخفض تركيز +H.
- ترتفع قيمة pH للمحلول.
هذا هو تأثير الأيون المشترك.
ثالثًا: محاليل البوفر (Buffers)
ما هو محلول البوفر؟
هو محلول مكون من:
- حمض ضعيف وأحد أملاحه.
- قاعدة ضعيفة وأحد أملاحها.
يتميز بقدرته على مقاومة التغير في قيمة pH عند إضافة كميات صغيرة من حمض قوي أو قاعدة قوية.
آلية عمل البوفر
يرجع عمل محلول البوفر إلى وجود توازن بين حمض ضعيف وقاعدته المرافقة أو قاعدة ضعيفة وحمضها المرافق. عند إضافة حمض قوي (H⁺) فإن القاعدة الموجودة في المحلول تتفاعل معه وتحوله إلى الماء أو إلى صورة غير متأينة، والعكس عند إضافة قاعدة قوية (OH⁻).
أنواع محاليل البوفر:
1. بوفر من محلولين (حمض ضعيف + ملحه)
مثال: حمض الإيثانويك CH₃COOH وأسيتات الصوديوم CH₃COONa
المعادلة:
عند إضافة حمض قوي: يتفاعل H⁺ مع CH₃COO⁻ ليكوّن CH₃COOH، وبالتالي لا يتغير pH كثيرًا.
عند إضافة قاعدة قوية: يتفاعل OH⁻ مع H⁺ ليكوّن ماء، فينقص H⁺، لكن الحمض يعوضه بالتحلل، ويبقى pH مستقرًا.
2. بوفر من محلولين (قاعدة ضعيفة + ملحها)
مثال: الأمونيا NH₃ وكلوريد الأمونيوم NH₄Cl
المعادلة:
عند إضافة حمض: يتفاعل H⁺ مع OH⁻ ليكوّن ماء، فيقل OH⁻، فيتفاعل NH₃ ليعوّضه، ويبقى pH مستقرًا.
عند إضافة قاعدة: يزيد OH⁻، فيتفاعل مع NH₄⁺ لتكوين NH₃، ويقل أثر القاعدة، ويظل pH مستقرًا.
رابعًا: بوفر ثلاثي المحاليل
في بعض الحالات الخاصة، يمكن إعداد محلول بوفر يحتوي على ثلاثة مكونات بدلًا من اثنين، وذلك لتحقيق نطاق تنظيم أوسع للـ pH أو فعالية أعلى.
مثال على بوفر ثلاثي المحاليل:
محلول يحتوي على:
- حمض ضعيف (مثل H₂PO₄⁻)
- قاعدته المرافقة (مثل HPO₄²⁻)
- ملح مكوّن من أحدهما (مثل Na₂HPO₄)
هذا النوع من البوفر يكون أكثر قدرة على تنظيم pH لأنه يحتوي على:
- حمض يزود H⁺ عند الحاجة.
- قاعدة تمتص H⁺ أو OH⁻ عند إضافتها.
- ملح يحافظ على التوازن الأيوني.
المعادلة العامة:
إذا أضيف حمض قوي، يتم امتصاص H⁺ بواسطة HPO₄²⁻.
وإذا أضيفت قاعدة قوية، يتم امتصاص OH⁻ بواسطة H₂PO₄⁻.
هذا النظام يوفر تنظيمًا أكبر في مجال pH يتراوح بين 6.2 إلى 7.8، مما يجعله مثاليًا للعمليات الحيوية.
خامسًا: العوامل المؤثرة على فعالية البوفر
- تركيز الحمض والملح: كلما زاد التركيز، زادت قدرة البوفر على مقاومة التغير في pH.
- النسبة بين الحمض والملح: إذا كانت النسبة 1:1 فإن pH = pKa (معادلة هندرسون-هاسلبالش).
- نوع الحمض أو القاعدة المستخدمة: يجب أن تكون ضعيفة.
- درجة الحرارة: تؤثر على ثابت التأين وبالتالي على قيمة pH.
سادسًا: التطبيقات العملية لمحاليل البوفر
- في الجسم البشري: الدم يحتوي على نظام بفر يعتمد على البيكربونات للحفاظ على pH الدم حول 7.4.
- في الصناعات الدوائية: يتم التحكم في pH الدواء باستخدام بفرات لضمان امتصاصه الفعّال.
- في المختبرات الكيميائية: تستخدم المحاليل المنظمة للحفاظ على ثبات الظروف التجريبية.
- في الزراعة: البوفرات مهمة لتنظيم pH التربة وتحسين امتصاص النبات للمعادن.
خاتمة
الأيون المشترك ليس مجرد ظاهرة كيميائية، بل هو مبدأ يؤثر بقوة على سلوك التفاعلات في المحاليل. أما محاليل البوفر، سواء ثنائية أو ثلاثية المكونات، فهي أدوات أساسية في الحفاظ على الاستقرار الكيميائي والبيئي والبيولوجي. فهم هذه المبادئ ضروري لكل من يدرس الكيمياء أو يعمل في مجال علمي أو طبي، حيث إن التحكم في الـ pH قد يكون الفرق بين التفاعل الفعّال والتفاعل الفاشل.