التورية – البلاغة للصف الخامس الأدبي
تعريف التورية
التورية من المحسنات البديعية المعنوية في علم البلاغة، وهي من المواضيع المهمة التي يُطلب من طلبة الصف الخامس الأدبي إتقانها.
تعريف التورية لغةً:
هي مصدر الفعل “ورّى” ومعناها: أخفى. يقال: “وريت الخبر” أي سترته، و”أظهرت غيره إيهامًا”، أي ذكرت لفظًا يخدع السامع عن المعنى الحقيقي.
تعريف التورية اصطلاحًا:
التورية اصطلاحًا تعني:
“أن يذكر المتكلم لفظًا له معنيان، أحدهما قريب غير مقصود، والآخر بعيد وهو المقصود”.
أي أن المتكلم يتعمد اختيار كلمة تحمل معنيين، بحيث يفهم السامع المعنى القريب، بينما يقصد المتكلم المعنى البعيد.
لماذا نستخدم التورية؟
- لجذب الانتباه وتشغيل ذهن السامع.
- لإظهار براعة المتكلم في اختيار الألفاظ.
- لإيصال المعنى بطريقة غير مباشرة دون التصريح به.
- أحيانًا تستخدم للمدح أو الذم بطريقة ذكية دون إحراج الطرف الآخر.
أركان التورية
تتكوّن التورية من ركنين أساسيين:
- المورّى به:
هو المعنى القريب الذي يفهمه السامع، وهو غير مقصود من المتكلم. هذا المعنى ظاهر، يستخدم كتمويه. - المورّى عنه:
هو المعنى البعيد الذي يقصده المتكلم، وغالبًا لا يفهمه السامع من الوهلة الأولى. هذا هو المعنى المستور.
أمثلة على التورية من الكتاب
المثال 1:
قال الشاعر حافظ إبراهيم:
“يقولون إن الشوق نارٌ ولوعةٌ … فما بال شوقي أصبح اليوم بارداً”
- كلمة “شوقي” تحمل معنيين:
- المعنى القريب: الشوق (الحنين).
- المعنى البعيد: أحمد شوقي (الشاعر).
- الشاعر يقصد أحمد شوقي، ولكن السامع يظن أنه يتحدث عن الشوق العاطفي.
المثال 2:
“وقالت: رح بربك من أمامي، فقلت لها: بربك أنتِ روحي”
- كلمة “روحي”:
- المعنى القريب: “اذهبي” (كما في فعل الأمر “رح”).
- المعنى البعيد: الحبيبة.
- التورية في كلمة “روحي”، حيث يفهم السامع أنها أمر بالذهاب، بينما المتكلم يقصد الحبيبة.
المثال 3:
“كأنّا للمجاورة اقتسمنا، فقلبي جارهم، والدمع جاره”
- “جارهم”:
- المعنى القريب: الساكن بجانبهم (الجيران).
- المعنى البعيد: الدمع جارٍ (من الانسكاب).
- التورية في لفظ “جار”، فهي تعني المجاورة وتنساب الدموع معًا.
أمثلة تطبيقية أخرى
المثال 4:
“يمر بي كل وقتٍ، وكلما مرّ يحلو”
- “مرّ”:
- المعنى القريب: مرّ بمعنى جاء.
- المعنى البعيد: “مرّ” ضد الحلو (أي الطعم المر).
- المتكلم يقصد المعنى الثاني ليُظهر التناقض، رغم أن السامع يفهم المعنى الأول.
المثال 5:
“رفقاً بخلٍّ ناصحٍ، ابتليته صدًا وهجرا … وافاك سائل دمعه، فرددته في الحال نهره”
- “نهره”:
- المعنى القريب: النهر (مجرى الماء).
- المعنى البعيد: الطرد.
- التورية في “نهره”، فهي تحمل دلالة الطرد والمعنى الظاهري مجرى الماء.
المثال 6:
“شكراً للنسمة أرضكم، كم بلغت عني تحية”
- “نسمة”:
- المعنى القريب: الهواء العليل.
- المعنى البعيد: فتاة اسمها نَسمة.
- الشاعر يقصد فتاة معينة، والسامع يظن أنه يتكلم عن الرياح.
تطبيق على تمارين المحاضرة
التدريب:
حدد الكلمة التي تدل على التورية، ثم وضّح معناها القريب والبعيد.
1. “أيها المعرض عني حسبك الله تعالى”
- الكلمة: تعالى
- المعنى القريب: لفظ الجلالة.
- المعنى البعيد: قدّم، اقترب.
2. “دعوني فإني آكل الخبز بالجبن”
- الكلمة: الجبن
- المعنى القريب: طعام مصنوع من الحليب.
- المعنى البعيد: الخوف والانهزام.
3. “أنت فخار بدنياك، ولا بد للفخار أن ينكسر”
- الكلمة: فخار
- المعنى القريب: الإناء المصنوع من الطين.
- المعنى البعيد: التفاخر والغرور بالنفس.
4. “الحمام أبلغ من الكتاب إذا سجع”
- الكلمة: سجع
- المعنى القريب: أسلوب بلاغي.
- المعنى البعيد: طرب وغناء الطيور.
5. “خال”
- الكلمة: خال
- المعنى القريب: شامة في الوجه.
- المعنى البعيد: أخو الأم.
- السامع قد يتوه بين الاثنين في سياق الكلام.
خاتمة
التورية من المحسنات البلاغية الجميلة التي تُضفي على النصوص الأدبية نوعًا من الغموض والتشويق. يحتاج الطالب إلى تدريب عقله لفهم هذه الأساليب الذكية في التعبير، واستيعاب الفروقات الدقيقة بين المعنى القريب والمعنى البعيد.
من خلال التورية، يتعلم الطالب كيف يمكن أن تحتوي الكلمة الواحدة على أكثر من معنى، وكيف يوظف الشاعر أو الأديب هذه المعاني لإيصال فكرة بأسلوب غير مباشر وراقٍ.