الطاقة المختزنة والحث المتبادل
أولًا: الطاقة المختزنة في المحث
ما هو المحث؟
المحث (Inductor) هو عنصر كهربائي يستخدم لتخزين الطاقة على شكل مجال مغناطيسي. يُصنع غالبًا من ملف سلكي ملفوف حول قلب حديدي أو هوائي. عند مرور تيار كهربائي في المحث، يتولد حوله مجال مغناطيسي. وعندما يتغير هذا التيار، يعمل المحث على مقاومة هذا التغير.
كيف يخزن المحث الطاقة؟
على عكس المكثف الذي يخزن الطاقة على شكل طاقة كهربائية بين لوحين، يخزن المحث الطاقة على شكل طاقة مغناطيسية ناتجة عن مرور التيار خلال لفاته.
عندما يبدأ التيار بالمرور في المحث، لا يزداد فجأة إلى أقصى قيمة، بل ينمو تدريجيًا لأن المحث يولد قوة دافعة كهربائية (ق.د.ك) معاكسة لتغير التيار تُعرف باسم قانون فاراداي في الحث الذاتي. هذه الق.د.ك تؤخر التيار وتخزن الطاقة في المجال المغناطيسي.
معادلة الطاقة المختزنة في المحث
الطاقة المختزنة في المحث تعطى بالعلاقة:
حيث:
- : الطاقة المختزنة بوحدة الجول (J)
- : معامل الحث الذاتي بوحدة هنري (H)
- : شدة التيار المار في المحث بوحدة أمبير (A)
شرح العلاقة:
- الطاقة المختزنة تتناسب طرديًا مع مربع التيار.
- كما تتناسب طرديًا مع معامل الحث الذاتي.
- إذا انقطع التيار فجأة، فإن الطاقة المختزنة تُحرر على شكل شرارة أو تيار معاكس، وهذا يُستخدم مثلًا في دوائر الإشعال.
تمثيل واقعي:
تخيل محرك كهربائي في مروحة، عند فصل الكهرباء، لا يتوقف المحرك مباشرة، بل يستمر بالدوران قليلاً. السبب هو أن المحثات في الدائرة الكهربائية تخزن طاقة مغناطيسية وتحررها تدريجيًا.
ثانيًا: الحث المتبادل (Mutual Inductance)
تعريف الحث المتبادل
الحث المتبادل هو ظاهرة فيزيائية تحدث عندما يُحدث تغير التيار في ملف كهربائي تغيرًا في التدفق المغناطيسي في ملف مجاور، مما يؤدي إلى توليد قوة دافعة كهربائية (ق.د.ك) فيه.
بمعنى آخر: عندما يمر تيار متغير في ملف أول (ملف الابتدائي)، يولد مجالًا مغناطيسيًا متغيرًا، وهذا المجال يخترق ملفًا آخر (الثانوي)، فيتولد فيه تيار حثي.
معامل الحث المتبادل (M)
هو كمية فيزيائية تعبر عن مدى تأثر الملف الثاني بتغير التيار في الملف الأول. ويعتمد على:
- عدد لفات كلا الملفين
- المسافة بينهما
- المادة بينهما (هواء، حديد، إلخ)
- شكل وترتيب الملفات
قانون الحث المتبادل
حيث:
- : القوة الدافعة الكهربائية المستحثة (V)
- : معامل الحث المتبادل (H)
- : معدل تغير التيار في الملف الأول
الإشارة السالبة توضح أن التيار المستحث يعاكس التغير في التيار الأصلي (وفقًا لقانون لنز).
مثال توضيحي:
إذا كان هناك ملفان موضوعان جنبًا إلى جنب، ويمر في الملف الأول تيار متغير، فإن هذا التيار يولد مجالًا مغناطيسيًا متغيرًا يخترق الملف الثاني. فيستحث فيه تيار كهربائي. هذا هو الأساس الذي تعمل عليه المحولات الكهربائية.
العلاقة بين الحث الذاتي والمتبادل:
- الحث الذاتي: يحدث في ملف واحد بسبب تغير تياره الذاتي.
- الحث المتبادل: يحدث بين ملفين، بسبب تغير التيار في أحدهما وتأثيره على الآخر.
تطبيقات عملية للطاقة المختزنة والحث المتبادل
1. المحولات الكهربائية
تعتمد بشكل أساسي على الحث المتبادل، إذ تحول الجهد والتيار الكهربائي من مستوى إلى آخر (رفع أو خفض)، دون فقدان الطاقة. وهي ضرورية لنقل الكهرباء عبر المسافات الطويلة.
2. دوائر إشعال المحركات
يتم تخزين الطاقة في محث ثم تحريرها فجأة على شكل شرارة، تُستخدم لإشعال الوقود في محركات السيارات.
3. المرشحات في الدوائر الإلكترونية
المحثات تستخدم لتصفية الإشارات، حيث تسمح بمرور ترددات معينة وتمنع غيرها.
4. المجسات الكهربائية
بعض الحساسات (مثل مستشعرات القرب) تعتمد على تغيرات المجال المغناطيسي الناتج عن وجود أجسام قريبة.
العوامل المؤثرة في الطاقة والحث المتبادل
للطاقة المختزنة:
- عدد لفات الملف: كلما زاد العدد، زادت قيمة ، وبالتالي زادت الطاقة.
- شدة التيار: الطاقة تتناسب مع مربع التيار.
- الوسط المحيط: وجود قلب حديدي يزيد من الحث.
للحث المتبادل:
- قرب الملفات: تقليل المسافة بين الملفين يزيد الحث المتبادل.
- زاوية التوجيه: إذا كانت الملفات موضوعة بزاوية مثالية (غالبًا متوازية)، يكون الحث أعلى.
- الملف ذو القلب المغناطيسي: يزيد من كفاءة التأثير.
خلاصة:
- المحث يخزن طاقة مغناطيسية عند مرور التيار فيه، وتُحسب الطاقة بالعلاقة .
- الحث المتبادل هو توليد ق.د.ك مستحثة في ملف نتيجة تغير التيار في ملف مجاور، وتُحسب بالعلاقة .
- الظاهرتان تعتمدان على قانون فاراداي وقانون لنز.
- لهما تطبيقات واسعة في المحولات، والدوائر الكهربائية، ومحركات السيارات، وأنظمة الاتصالات.